
بين حين وآخر تعرض علينا فرص استثمارية، وقد تكون مجدية؛ لكن هل هي بالضرورة مناسبة لنا؟
صورة تخيلية: باعة متجولون يسوقون فرص استثمارية على المارة، وهم يتأملون المعروضات ويفكرون في شرائها.
همام شخص كوّن خبرة عملية لسنوات في مجال بيع الإكسسوارات والسلع النسائية، و”محوّش” مبلغ جيد من عمله السابق ومن ” طقطقته” في الأسواق. مبلغ مناسب إما لفتح مشروع تجاري صغير، أو ممكن يستثمره مع آخرين في فرصة استثمارية.
وتشبهه إلهام، حيث لديها خبرة جيدة وأفكار مبدعة في مجال التسويق الإلكتروني بحكم عملها فيه؛ لكن الفرق أنها لاتزال في مقتبل عمرها وودها لو تملك المال لفتح ” بزنس” خاص وسالم تقاعد من عمله، وعنده مبلغ طيب من العيلة، لكنه يرغب قضاء وقته في أعمال تطوعية واجتماعية.
أما صابر فما زال على رأس عمله، ونشيط، ويفكر في الاستمرار في العمل بالتعاقد حتى بعد التقاعد. فكيف يختارون الفرصة الاستثمارية الأنسب لهم؟ وهل بالضرورة تكون نفس الفرصة مناسبة للجميع؟
مقارنة الفرص الاستثمارية حسب سرعة عوائدها / سيولتها: تشغيل مباشر بالجهد في مشروع جديد: هذا الخيار مناسب لهمام، لأنه يملك مهارة وخبرة ممكن يستثمرها في مشروع بماله أو يشاركه فيه أحد، بحيث يدر له دخلاً مقابل عمله. ومثله إلهام، الشابة الطموحة، قد تكون فرصة جيدة لها أن تجد أحداً تسوق له مشروعها بحيث يشاركها بماله، ويستثمر خبرتها ومهارتها.
الاستثمار في مشروع قائم ناجح يدر عوائد سنوية: قد يكون هذا الخيار أنسب لسالم، لأنه يحتاج إلى دخل ثابت يسنده في مصاريفه. وكذلك ممكن يعتبر خياراً مناسباً لهمام إذا كان مشروعه الذي يديره لا يحتاج كل سيولته في الوقت الراهن، بحيث يدر عليه هذا الاستثمار سيولة إضافية تغطي النقص في مشروعه القائم خلال سنوات التأسيس.
الاستثمار في مشروع جديد يحتاج وقت ليدر عوائد: لا ينصح بالدخول في مثل هذه الاستثمارات إلا لشخص مثل صابر، لا يناسبه أو لا يرغب أن يفتح مشروعا تجاريا خاصا به يديره بنفسه، أو لشخص عنده مصادر دخل تكفيه، ويبحث عن فرص استثمارية أخرى تحقق له دخلا إضافياً ومتنوعاً.
مقارنة الفرص الاستثمارية حسب نوع نشاطها: كل شخص له خبرات ومعارف وقيم، لها تأثير في اقتناعه ببعض المشروعات أكثر من غيرها. فمنهم من يرى أن المشروع مادام فيه أصول عقارية فاستثماره محفوظ، والبعض يرى أن المشروع إذا فيه أصول ثابتة أو مخزون وبضائع يمكن التخارج منه أسرع من غيره. ولدى البعض قناعات بأن بعض الأنشطة التجارية غالباُ رابحة كالعقار والمواد الغذائية أو المطاعم أو السلع النسائية، وكذلك يرى البعض التعليم والقطاع الصحي. وهناك من لا يرغب في المشروعات التي فيها بيع بالآجل. والبعض لا يرغب في المشروعات التي فيها ” هيديك” عالي وإن كانت مربحة، كالتي تتابعها جهات رقابية كثيرة، أو فيها توتر عالي بسبب ضيق موسمها، أو مسائلات كثيرة بسبب أخطاء مهنية. ” قد علم كل أناس مشربهم” لذا اختر الاستثمار في نشاط تعرفه وتفهم فيه، أو لك ميول فيه، أو تتقبله أكثر من غيره.
ولا شك أن من الفطنة التجارية أن تنتبه لتوجه الدولة وخططها، وللتغيرات في التوجهات الاجتماعية لدى الناس وتأثيرها على توجهات الاستثمار. وعند تساوي الفرص في المقارنة اختر الذي فيه قيمة إضافية أعلى.
وأيا كان اختيارك لا تدخل في أي استثمار إلا: إذا كانت الفكرة مدروسة بعناية، ومعها استشارة مستشار. أن يقوم على المشروع شخص أو جهة لهم خبرة ونجاحات استثمارية في مجال المشروع. وثق علاقتك بالمشروع بعقد مكتوب، موضحة فيه كل التفصيلات والاحتمالات التي قد تطرأ على هذه العلاقة. واستعن بالله، وتذكر أن التجارة ربح وخسارة وأن تسعة أعشار الرزق فيها. ولا تحكم حكماً عاماً أو تلبس نظارة بلون واحد، ففي كل زمان وفي كل مكان توجد مشروعات رابحة ومشروعات خاسرة.
بقلم المستشار المالي محمد باوزير